كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **


<تنبيه> علم من هذا الحديث وحدث من دعا إلى هدى المتقدم أن كل أجر حصل الدال والداعي حصل للمصطفى صلى اللّه عليه وسلم مثله زيادة على ما له من الأجر الخاص من نفسه على دلالته أو هدايته للمهتدي وعلى ما له من الأجور على حسناته الخاصة من الأعمال والمعارف والأجور التي لا تصل جميع أمته إلى عرف نشرها ولا يبلغون عشر عشرها وهكذا نقول إن جميع حسناتنا وأعمالنا الصالحة وعبادات كل مسلم مسطرة في صحائف نبينا صلى اللّه عليه وسلم زيادة على ما له من الأجر ويحصل له من الأجور بعدد أمته أضعافاً مضاعفة لا تحصى يقصر العقل عن إدراكها لأن كل مهد ودال وعالم يحصل له أجر إلى يوم القيامة ويتجدد لشيخه في الهداية مثل ذلك الأجر ولشيخ شيخه مثلاه وللشيخ الثالث أربعة والرابع ثمانية وهكذا تضعف في كل مرتبة بعدد الأجور الحاصلة قبله إلى أن ينتهي إلى المصطفى صلى اللّه عليه وسلم إذا فرضت المراتب عشرة بعد النبي صلى اللّه عليه وسلم كان للنبي صلى اللّه عليه وسلم من الأجر ألف وأربعة وعشرون فإذا اهتدى بالعاشر حادي عشر صار أجر النبي صلى اللّه عليه وسلم ألفين وثمانية وأربعين وهكذا كل ما زاد واحداً يتضاعف ما كان قبله أبداً إلى يوم القيامة وهذا أمر لا يحصره إلا اللّه فكيف إذا أخذ مع كثرة الصحابة والتابعين والمسلمين في كل عصر وكل واحد من الصحابة يحصل له بعدد الأجور الذي ترتبت على فعله إلى يوم القيامة وكل ما يحصل لجميع الصحابة حاصل بجملته للنبي صلى اللّه عليه وسلم وبه يظهر رجحان السلف على الخلف وأنه كلما ازاد الخلف ازداد أجر السلف وتضاعف ومن تأمل هذا المعنى ورزق التوفيق انبعثت همته إلى التعليم ورغب في نشر العلم ليتضاعف أجره في الحياة وبعد الممات على الدوام ويكف عن إحداث البدع والمظالم من المكوس وغيرها فإنها تضاعف عليه السيئات بالطريق المذكور ما دام يعمل بها عامل، فليتأمل المسلم هذا المعنى وسعادة الدال على الخير وشقاوة الدال على الشر، وقد مر بعض هذا في حديث من دعا‏.‏

- ‏(‏حم م‏)‏ في الجهاد وفيه قصة ‏(‏د‏)‏ في الأدب ‏(‏ت‏)‏ في العلم ‏(‏عن أبي مسعود‏)‏ البدري قال‏:‏ جاء رجل إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم فاستحمله فقال‏:‏ ما عندي فقال رجل‏:‏ أنا أدله على من يحمله فذكره‏.‏

8671 - ‏(‏من ذب‏)‏ أي من دفع ‏(‏عن عرض أخيه‏)‏ زاد في رواية لمسلم ‏(‏بالغيبة‏)‏ قال الطيبي‏:‏ هو كناية عن الغيبة كأنه قيل من ذب عن غيبة أخيه في غيبته وعلى هذا فقوله بالغيبة ظرف ويجوز كونه حالاً ‏(‏كان حقاً على اللّه أن يقيه‏)‏ وفي رواية أن يعتقه ‏(‏من النار‏)‏ زاد في رواية ‏{‏وكان حقاً علينا نصر المؤمنين‏}‏ قال الطيبي‏:‏ هو استشهاد لقوله كان حقاً إلخ وفيه أن المستمع لا يخرج من إثم الغيبة إلا بأن ينكر بلسانه فإن خاف فبقلبه فإن قدر على القيام أو قطع الكلام لزمه وإن قال بلسانه اسكت وهو مشتهٍ ذلك بقلبه فذلك نفاق، قال الغزالي‏:‏ ولا يكفي أن يشير باليد أن اسكت أو بحاجبه أو رأسه وغير ذلك فإنه احتقار للمذكور بل ينبغي الذب عنه صريحاً كما دلت عليه الأخبار‏.‏

- ‏(‏حم طب عن أسماء بنت يزيد‏)‏ قال المنذري‏:‏ إسناد أحمد حسن، وقال الهيثمي‏:‏‏.‏ إسناد حسن، وقال الصدر المناوي‏:‏ إسناده ضعيف والمؤلف رمز لحسنه‏.‏

8672 - ‏(‏من ذبح لضيفه ذبيحة‏)‏ إكراماً له لأجل اللّه ‏(‏كانت فداءه من النار‏)‏ أي نار جهنم فلا يدخلها إلا تحلة القسم ‏[‏ص 128‏]‏ بل يكرم بالجنة كما أكرم ضيفه بإحسان الضيافة

- ‏(‏ك‏)‏ في تاريخه من حديث أبي عوانة عن عامر بن شعيب عن عبد الوهاب الثقفي عن جده عن الحسن ‏(‏عن جابر‏)‏ بن عبد اللّه ثم قال الحاكم‏:‏ عامر بن شعيب روى أحاديث منكرة بل أكثرها موضوع اهـ‏.‏ فعزو المصنف الحديث لمخرجه وسكوته عما عقبه به من بيان القادح لا ينبغي‏.‏

8673 - ‏(‏من ذرعه‏)‏ بذال معجمة وراء عين مفتوحات أي غلبه ‏(‏القيء وهو صائم‏)‏ فرضاً ‏(‏فليس عليه قضاء‏)‏ يجب ‏(‏ومن استقاء‏)‏ أي تكلف القيء عامداً عالماً ‏(‏فليقض‏)‏ وجوباً لبطلان صومه وبهذا التفصيل أخذ الشافعي‏.‏

- ‏(‏4 ك‏)‏ في الصوم ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏ ورواه عنه أيضاً الدارمي وابن حبان والدارقطني وغيرهم وذكر الترمذي أنه سأل عنه البخاري فقال‏:‏ لا أراه محفوظاً، وقد روي من غير وجه ولا يصح إسناده وأنكره أحمد، وقال الدارمي‏:‏ زعم أهل البصرة أن هشاماً وهم فيه‏.‏

8674 - ‏(‏من ذكر اللّه ففاضت عيناه‏)‏ أي الدموع من عينه فأسند الفيض إلى العين مبالغة كأنها هي التي فاضت، ولما كان فيض العين تارة يكون من الخشية وتارة يكون من الشوق وتارة من المحبة بين أن الكلام هنا في مقام الخوف فقال ‏(‏من خشية اللّه حتى يصيب الأرض من دموعه لم يعذبه اللّه يوم القيامة‏)‏ فإنه تعالى لا يجمع على عبده خوفين فمن خافه في الدنيا لم يخفه يوم الفزع الأكبر بل يكون من الآمنين المطمئنين الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون‏.‏

- ‏(‏ك‏)‏ في التوبة ‏(‏عن أنس‏)‏ بن مالك، وقال‏:‏ صحيح وأقره عليه الذهبي‏.‏

8675 - ‏(‏من ذكر اللّه عند الوضوء طهر جسده كله‏)‏ أي ظاهره وباطنه ‏(‏فإن لم يذكر اسم اللّه‏)‏ عند وضوئه ‏(‏لم يظهر منه إلا ما أصاب الماء‏)‏ أي من الظاهر دون الباطن وذلك موقع نظر الخلق وطهارة الباطن يعني القلب بالذكر وخلوه عن الأخلاق الذميمة موقع نظر الحق فمن اقتصر على طهارة ظاهره فهو كمن أراد أن يدعو ملكاً لبيته وتركه مشحوناً بالقذر واشتغل في تخصيص ظاهر الدار، وما أجدر من فعل ذلك بالبوار‏.‏

- ‏(‏عب عن الحسن‏)‏ الضبي ‏(‏الكوفي مرسلاً‏)‏ قال الذهبي‏:‏ ثقة، قال عبد الحق‏:‏ وفيه محمد بن أبان لا أعرفه الآن وقال ابن القطان‏:‏ فيه من لا يعرف البتة وهو مرداس بن محمد راويه عن أبان اهـ ورواه الدارقطني عن أبي هريرة مسنداً مرفوعاً قال الحافظ العراقي‏:‏ وسنده أيضاً ضعيف‏.‏

8676 - ‏(‏من ذكر امرءاً بما‏)‏ وفي رواية بشيء ‏(‏ليس فيه ليعيبه‏)‏ به بين الناس ‏(‏حبسه اللّه‏)‏ عن دخول الجنة ‏(‏في نار جهنم حتى يأتي بنفاذ ما قال‏)‏ أي وليس بقادر على ذلك فهو كناية عن دوام تعذببه يعني طوله من قبيل الخبر المار كلف أن يعقد بين شعيرتين ونحو ذلك‏.‏

- ‏(‏طب عن أبي الدرداء‏)‏ قال المنذري‏:‏ إسناده جيد وقال الهيثمي‏:‏ رواه الطبراني عن شيخه مقدام بن داود وهو ضعيف‏.‏

8677 - ‏(‏من ذكر رجلاً بما فيه‏)‏ من النقائص والعيوب ‏(‏فقد اغتابه‏)‏ والغيبة حرام فعليه أن يستحله، تمامه عند مخرجه ‏[‏ص 129‏]‏ ومن ذكره بما ليس فيه فقد بهته اهـ بنصه‏.‏

- ‏(‏ك في تاريخه‏)‏ أي تاريخ نيسابور ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏ وفيه أبو بكر بن أبي صبرة المدني قال في الميزان‏:‏ ضعفه البخاري وغيره وقال أحمد‏:‏ كان يضع الحديث فقال ابن عدي‏:‏ ليس بشيء ثم ساق له أخباراً هذا منها‏.‏

8678 - ‏(‏من ذكرت عنده فلم يصل عليَّ فقد شقي‏)‏ حيث أحرم نفسه فضل الصلاة عليه المقرب لدخول الجنة المبعد عن النار قال في الأذكار‏:‏ ويستحب لقارئ الحديث ومن في معناه إذا ذكر رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أن يرفع صوته بالصلاة والسلام عليه بلا مبالغة ولا يقتصر على أحدهما، والحديث يدل على وجوب الصلاة عليه كلما جرى ذكره وإليه صار جمع من المذاهب الأربعة وقيل يجب ذلك في العمر مرة فقط‏.‏

- ‏(‏ابن السني عن جابر‏)‏ بن عبد اللّه رمز المصنف لحسنه وليس كما زعم فقد جزم النووي في الأذكار بضعف إسناده‏.‏

8679 - ‏(‏من ذكرت عنده فخطئ الصلاة عليَّ خطئ طريق الجنة‏)‏ فلم ينجح قصده لبخله بما يرغب فيه عن مستحقه وفي رواية لابن عاصم ‏"‏من ذكرت عنده فنسي الصلاة عليَّ خطئ طريق الجنة‏"‏ قال في الإتحاف‏:‏ ومعنى النسيان فيه الترك كما قال تعالى ‏{‏أتتك آياتنا فنسيتها‏}‏ وليس المراد به الذهول لأن الناسي غير مكلف‏.‏

- ‏(‏طب عن الحسين‏)‏ بن علي بن أبي طالب رمز لحسنه قال الهيثمي‏:‏ وفيه بشر بن محمد الكندي أو بشير فإن كان بشر فقد ضعفه ابن المبارك وابن معين والدارقطني وغيرهم وإن كان بشير فلم أر من ذكره اهـ وقال القسطلاني‏:‏ حديث معلول‏.‏

8680 - ‏(‏من ذكرت عنده فليصل عليَّ فإنه‏)‏ اي الشأن ‏(‏من صلى عليَّ مرة واحدة‏)‏ أي طلب لي من اللّه دوام التشريف ‏(‏صلى اللّه عليه عشراً‏)‏ أي رحمه وضاعف أجره عشر مرات هكذا سياق الحديث عند مخرجيه والظاهر أن فيه حذفاً والتقدير من ذكرت عنده ولم يصل عليَّ فقد شقي أو فقد فاته ثواب كثير أو نحو ذلك‏.‏

- ‏(‏ت‏)‏ وكذا الطبراني وابن السني ‏(‏عن أنس‏)‏ بن مالك، قال النووي في الأذكار‏:‏ وإسناده جيد قال الهيثمي‏:‏ رجاله ثقات‏.‏

8681 - ‏(‏من ذهب بصره في الدنيا‏)‏ أي بعمى أو فقء عين أو تغويرها أو إخراجها ‏(‏جعل اللّه له نوراً يوم القيامة إن كان صالحاً‏)‏ الظاهر أن المراد مسلماً كما قالوه في خبر أو ولد صالح يدعو له‏.‏

- ‏(‏طس عن ابن مسعود‏)‏ رمز لحسنه قال الهيثمي‏:‏ فيه بشر بن إبراهيم الأنصاري وهو ضعيف‏.‏

8682 - ‏(‏من ذهب في حاجة أخيه المسلم‏)‏ لأجل اللّه ‏(‏فقضيت حاجته كتب له حجة وعمرة وإن لم تقض كتب له عمرة‏)‏ أي كتبت له بذلك أجر عمرة مقبولة مكافأة له على ذلك‏.‏

- ‏(‏هب عن الحسن بن علي‏)‏ أمير المؤمنين‏.‏

8683 - ‏(‏من رأى‏)‏ من أخيه المؤمن ‏(‏عورة‏)‏ أي عيباً أو خللاً أو شيئاً قبيحاً ‏(‏فسترها‏)‏ عليه ‏(‏كان كمن أحيا موءودة من قبرها‏)‏ يعني كان ثوابه كثواب من أحيا موءودة أي كمن رأى حياً مدفوناً في قبره فأخرجه من القبر كيلا يموت ووجه الشبه ‏[‏ص 130‏]‏ أن الساتر دفع عن المستور الفضيحة بين الناس التي هي بمنزلة الموت فكأنه أحياه كما دفع الموت عن الموءودة من أخرجها من القبر وهذا في عورة مسلم غير متجاهر بفسقه كما مر‏.‏

- ‏(‏خد‏)‏ في الأدب ‏(‏ك‏)‏ في الحدود وصححه وأقره الذهبي ‏(‏عن عقبة بن عامر‏)‏ قال كاتبه دجين‏:‏ كان لنا جيران يشربون الخمر فنهيتهم فأبوا فأردت أن أدعو لهم الشرط أي أعوان السلطان فقال عقبة‏:‏ دعهم فإني سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول فذكره‏.‏

8684 - ‏(‏من رأى شيئاً يعجبه‏)‏ لفظ رواية الديلمي والبزار شيئاً فأعجبه له أو لغيره ‏(‏فقال ما شاء اللّه لا قوة إلا باللّه‏)‏ أي لا قوة على الطاعة إلا بمعونته ‏(‏لم تضره العين‏)‏ وفي حديث عن عامر بن ربيعة فليدع بالبركة قال السخاوي‏:‏ وهذا مما جرب لمنع الإصابة بالعين‏.‏

- ‏(‏ابن السني عن أنس‏)‏ بن مالك ورواه عنه أيضاً البزار والديلمي قال الهيثمي‏:‏ وفيه أبو بكر الهذلي ضعيف جداً‏.‏

8685 - ‏(‏من رأى حية فلم يقتلها مخافة طلبها‏)‏ أي أن يطالب بدمها في الدنيا والآخرة ويحتمل أن المراد مخافة أن تطلبه هي فتعدو عليه ‏(‏فليس منا‏)‏ أي ليس من العاملين بأوامرنا المراعين لقوانيننا زاد أبو داود ما سالمناهن منذ حاربناهن‏.‏

- ‏(‏طب عن أبي ليلى‏)‏ بفتح اللامين رمز لحسنه قال الهيثمي‏:‏ فيه محمد بن أبي ليلى وهو سيء الحفظ وبقية رجاله ثقات‏.‏

8686 - ‏(‏من رأى مبتلى‏)‏ في بدنه أو دينه فقال الحمد للّه الذي عافاني مما ابتلاك به وفضلني على كثير ممن خلق تفضيلاً لم يصبه ذلك البلاء‏)‏ سبق أن الطيبي زعم أن الخطاب فيما ابتلاك يشعر بأن الكلام في عاص خلع الريقة من عنقه لا في مبتلى بنحو مرض أو نقص خلفة ويسن السجود لذلك شكراً للّه على سلامته منه وفي الأذكار‏:‏ قال العلماء‏:‏ ينبغي أن يقول هذا الذكر سراً بحيث يسمع نفسه ولا يسمعه المبتلى إلا أن يكون بليته معصية فيسمعه إن لم يخف مفسدة‏.‏

- ‏(‏ت‏)‏ في الدعوات ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏ وقال الترمذي‏:‏ غريب اهـ‏.‏ ورمز لحسنه، قال الصدر المناوي‏:‏ وفيه عمرو بن دينار قهرمان آل الزبير بصري ليس بقوي‏.‏

8687 - ‏(‏من رأى‏)‏ يعني علم ‏(‏منكم‏)‏ معشر المسلمين المكلفين القادرين، فالخطاب لجميع الأمة حاضرها بالمشافهة وغائبها بطريق التبع أو لأن حكمه على الواحد حكمه على الجماعة ‏(‏منكراً‏)‏ أي شيئاً قبحه الشرع فعلاً أو قولاً ولو صغيرة ‏(‏فليغيره‏)‏ أي فليزله وجوباً شرعاً وقال المعتزلة‏:‏ عقلاً، ثم إن علم أكثر من واحد فكفاية وإلا فعين لقوله تعالى ‏{‏ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير‏}‏ والواجب أن يزيله ‏(‏بيده‏)‏ حيث كان مما يزال بها ككسر آلة لهو وآنية خمر ‏(‏فإن لم يستطيع‏)‏ الإنكار بيده بأن ظن لحوق ضرر به لكون فاعله أقوى منه ‏(‏فـ‏)‏ الواجب تغييره ‏(‏بلسانه‏)‏ أي بالقول كاستغاثة أو توبيخ أو تذكير باللّه أو إغلاظ بشرط أن لا يغلب ظن أن النهي يزيد عباداً أو أن لا يعلم عادة أنه لا يؤثر على ما عليه الأكثر لكن في الروضة خلافه، ثم إن كان المأمور ظاهراً كصلاة وصوم لم يختص بالعلماء وإلا اختص بهم أو بمن علمه منهم وأن يكون المنكر مجمعاً عليه أو يعتقد فاعله تحريمه أو حله وضعفت شبهته جداً كنكاح متعة ولا يناقض الخبر ‏{‏عليكم أنفسكم‏}‏ ‏[‏ص 131‏]‏ لأن معناه إذا كلفتم ما أمرتم به لا يضركم تقصير غيركم ‏(‏فإن لم يستطع‏)‏ ذلك بلسانه لوجود مانع كخوف فتنة أو خوف على نفس أو عضو أو مال محترم أو شهر سلاح ‏(‏فبقلبه‏)‏ ينكره وجوباً بأن يكرهه به ويعزم أنه لو قدر بقول أو فعل فعل وهذا واجب عيناً على كل أحد بخلاف الذي قبله فأفاد الخبر وجوب تغيير المنكر بكل طريق ممكن فلا يكفي الوعظ لمن يمكنه إزالته بيده ولا القلب لمن يمكنه باللسان ‏(‏وذلك‏)‏ أي الإنكار بالقلب ‏(‏أضعف الإيمان‏)‏ أي خصاله فالمراد به الإسلام أو آثاره وثمراته فالمراد به حقيقة من التصديق وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل وصلاح الإيمان وجريان شرائع الأنبياء الكرام إنما يستمر عند استحكام هذه القاعدة في الإسلام قال القيصري‏:‏ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أقوى شعب الإيمان بوجه وأضعفها بوجه فتغييره باليد واللسان أقوى وتغييره بالقلب أضعف الإيمان‏.‏

- ‏(‏حم م‏)‏ في الإيمان‏(‏4‏)‏ في مواضع متعددة من حديث طارق بن شهاب ‏(‏عن أبي سعيد‏)‏ قال طارق‏:‏ أول من بدأ يوم العيد بالخطبة قبل الصلاة مروان فقام إليه رجل فقال‏:‏ الصلاة قبل الخطبة فقال‏:‏ قد ترك ما هنالك فقال أبو سعيد‏:‏ أما هذا فقد قضى ما عليه سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول فذكره‏.‏

8688 - ‏(‏من رآني في المنام‏)‏ أي في حال النوم وقال العصام في وقت النوم - فيه نظر - أي رآني بصفتي التي أنا عليها وهكذا بغيرها على ما يأتي إيضاحه ‏(‏فقد رآني‏)‏ أي فليبشر بأنه رآني حقيقة أي حقيقتي كما هي فلم يتحد الشرط والجزاء وهو في معنى الإخبار أي من رآني فأخبره بأن رؤيته حق ليست بأضغاث أحلامية ولا تخيلات شيطانية ثم أردف ذلك بما هو تتميم للمعنى وتعليل للحكم فقال ‏(‏فإن الشيطان لا يتمثل بي‏)‏ وفي رواية لمسلم فإن الشيطان لا ينبغي له أن يتشبه بي وفي أخرى له لا ينبغي أن يتمثل في صورتي وفي رواية لغيره لا يتكونني وذلك لئلا يتدرع بالكذب على لسانه في النوم وكما استحال تصوره بصورته يقظة إذ لو وقِع اشتبه الحق بالباطل، ومنه أخذ أن جميع الأنبياء كذلك، وظاهر الحديث أن رؤياه صحيحة وإن كان على غير صفته المعروفة وبه صرح النووي مضعفاً لتقييد الحكيم الترمذي وعياض وغيرهما بما إذا رآه على صورته المعروفة في حياته وتبعه عليه بعض المحققين ثم قال‏:‏ فإن قيل كيف يرى على خلاف صورته المعروفة ويراه شخصان في حالة واحدة في مكانين والبدن الواحد لا يكون إلا في مكان واحد‏؟‏ قلنا التغيير في صفاته لا في ذاته فتكون ذاته حيث شاء اللّه وصفاته متخيلة في الأذهان والإدراك لا يشترط فيه تحقق الإبصار ولا قرب المسافة ولا كون المتخيل ظاهراً على الأرض حياً حياة دنيوية وإنما الشرط كونه موجوداً اهـ وما ذكر ملخص من كلام القرطبي حيث قال‏:‏ اختلف في معنى الحديث فقال قوم من القاصرين هو على ظاهره فمن رآه في النوم رأى حقيقته كما يرى في اليقظة وهو قول يدرك فساده ببادئ العقل إذ يلزم عليه أن لا يراه أحد إلا على صورته التي مات عليها وأن لا يراه اثنان في وقت واحد في مكانين وأن يحيى الآن ويخرج من قبره ويخاطب الناس ويخلو قبره عنه فيزار غير جثته ويسلم على غائب لأنه يرى ليلاً ونهاراً على اتصال الأوقات وهذه جهالات لا يتفوه بالتزامها من له أدنى مسكة من عقل وملتزم ذلك مختل مخبول وقال قوم من رآه بصفته فرؤياه حق أو بغيرها فأضغاث أحلام ومعلوم أنه قد يرى على حالة مخالفة ومع ذلك تكون تلك الرؤيا حقاً كما لو رؤي قد ملأ بلداً أو داراً بجسمه فإنه يدل على امتلاء تلك البلدة بالحق والشرع وتلك الدار بالبركة وكثيراً ما وقع ذلك قال‏:‏ والصحيح أن رؤيته على أي حال كان غير باطلة ولا من الأضغاث بل حق في نفسها وتصوير تلك الصورة وتمثيل ذلك المثال ليس من الشيطان بل مثل اللّه ذلك للرائي بشرى فينبسط للخير أن إنذار فيزجر عن الشر أو تنبيه على خير يحصل وقد ذكرنا أن المرئي في المنام أمثلة المرئيات لا أنفسها غير أن تلك الأمثلة تارة تطابق حقيقة المرئي وتارة لا وأن المطابقة قد تظهر في اليقظة على نحو ما أدرك في النوم، وقد لا، فإذا لم تظهر في اليقظة كذلك فالمقصود بتلك الصورة معناها لا عينها، ولذا خالف المثال

‏[‏ص 132‏]‏ صورة المرئي بزيادة أو نقص أو تغير لون أو زيادة عضو أو بعضه فكله تنبيه على معاني تلك الأمور اهـ وحاصل كلامه أن رؤيته بصفته إدراك لذاته وبغيرها إدراك لمثاله فالأولى لا تحتاج لتعبير والثانية تحتاجه ولسلفنا الصوفية ما يوافق معناه ذلك وإن اختلف اللفظ حيث قالوا هنا ميزان يجب التنبيه له وهو أن الرؤية الصحيحة أن يرى بصورته الثابتة بالنقل الصحيح فإن رآه بغيرها كطويل أو قصير أو شيخ أو شديد السمرة لم يكن رآه وحصول الجزم في نفس الرائي بأنه رأى النبي صلى اللّه عليه وسلم غير حجة بل ذلك المرئي صورة الشرع بالنسبة لاعتقاد الرائي أو خياله أو صفته أو حكم من أحكام الإسلام أو بالنسبة للمحل الذي رأى فيه تلك الصورة قال القونوي كابن عربي‏:‏ وقد جربناه فوجدناه لم ينخرم قالوا والمصطفى صلى اللّه عليه وسلم وإن ظهر بجميع أسماء الحق وصفاته تخلقاً وتحققاً فمقتضى رسالته للخلق أن يكون الأظهر فيه حكماً وسلطنة من صفات الحق الهداية والاسم الهادي والشيطان مظهر الاسم المضل والظاهر بصفة الضلالة فهما ضدان فلا يظهر أحدهما بصورة الآخر والنبي صلى اللّه عليه وسلم خلق للهداية فلو ساغ ظهور إبليس بصورته زال الاعتماد عليه فلذلك عصم صورته عن أن يظهر لها شيطان فإن قيل عظمة الحق تعالى لا صورة له معينة توجب الاشتباه بخلاف النبي صلى اللّه تعالى عليه وعلى آله وسلم وأيضاً مقتضى حكمة الحق أن يضل ويهدي من يشاء بخلاف النبي صلى اللّه تعالى عليه وسلم فإنه مقيد بالهداية ظاهر بصورتها فتجب عصمة صورته من مظهرية الشيطان اهـ وقال عياض‏:‏ لم يختلف العلماء في جواز صحة رؤية اللّه في النوم وإن رئي على صفة لا يليق بجلاله من صفات الأجسام لتحقق أن المرئي غير ذات اللّه إذ لا يجوز عليه التجسم ولا اختلاف الحالات بخلاف النبي صلى اللّه عليه وسلم فكانت رؤيته تعالى في النوم من باب التمثيل والتخييل وقال ابن العربي‏:‏ في رؤية اللّه في النوم أوهام وخواطر في القلب بأمثال لا تليق به في الحقيقة ويتعالى عليها وهي دلالات للرائي على أمر كان ويكون كسائر المرئيات وقال غيره‏:‏ رؤيته تعالى في النوم حق وصدق لا كذب فيها في قول ولا فعل‏.‏

- ‏(‏حم خ ت عن أنس‏)‏ قال الهيثمي‏:‏ رجال أحمد رجال الصحيح قال المصنف‏:‏ والحديث متواتر‏.‏

8689 - ‏(‏من رآني‏)‏ يعني في النوم ‏(‏فقد رأى الحق‏)‏ أي الرؤيا الصحيحة الصادقة وهي التي يريها الملك الموكل، يضرب أمثال الرؤية بطريق الحكمة لبشارة أو نذارة أو معاتبة ليكون على بصيرة من أمره وتوفيق من ربه، وأبعد البعض فقال‏:‏ يمكن أن يراد بالحق هو اللّه مبالغة تنبيهاً على من رآه على وجه المحبة والاتباع كأنه رأى اللّه كقوله من أحبني فقد أحب اللّه ومن أطاعني فقد أطاع اللّه اهـ‏.‏ وهذا يأباه قوله ‏(‏فإن الشيطان لا يتزيى بي‏)‏ بالزاي المعجمة أي لا يظهر في زيي وفي رواية فإن الشيطان لا يتكونني أي لا يتكلف كوناً مثل كوني، ذكره الكرماني، وقال غيره‏:‏ قوله لا يتزيى بي أي لا يستطيع ذلك، يشير إلى أنه تعالى وإن مكنه من التصور في أي صورة أراد فإنه لا يمكنه من التصور في صورة النبي‏.‏ قال ابن أبي جمرة‏:‏ الشيطان لا يتصور بصورته أصلاً فمن رآه في صورة حسنة فذاك حسن في دين الرائي وإن كان في جارحة من جوارحه شين أو نقص فذلك خلل في دين الرائي قال‏:‏ هذا هو الحق وقد جرب فوجد كذلك وبه تحصل الفائدة الكبرى في رؤياه حتى يظهر الرائي هل عنده خلل أم لا‏؟‏ لأن المصطفى صلى اللّه عليه وسلم نوراني كالمرآة الصقيلة فما كان في الناظر فيها من حسن أو غيره تصور فيها وهي في ذاتها حسنة لنقص ولا شين فيها وكذا يقال في كلامه في النوم فما وافق سنته فهو حق وما لم يوافقها فخلل في سمع الرائي، قال‏:‏ ويؤخذ من قوله فإن الشيطان إلخ أن من تمثلت صورة المصطفى صلى اللّه عليه وسلم في خاطره من أرباب القلوب وتصور له في عالم سره أنه يكلمه أن ذلك يكون حقاً بل هو أصدق من مرأى غيرهم لتنوير قلوبهم‏.‏

- ‏(‏حم ق عن أبي قتادة‏)‏ قال الهيثمي‏:‏ رجال أحمد رجال الصحيح‏.‏

8690 - ‏(‏من رآني في المنام فسيراني في اليقظة‏)‏ بفتح القاف رؤية خاصة في الآخرة بصفة القرب والشفاعة قال الدماميني‏:‏ ‏[‏ص 133‏]‏ وهذه بشارة لرائيه بموته على الإسلام لأنه لا يراه في القيامة تلك الرؤية الخاصة باعتبار القرب منه إلا من تحقق منه الوفاة على الإسلام اهـ‏.‏ وقال جمع منهم ابن أبي جمرة‏:‏ بل يراه في الدنيا حقيقة قال‏:‏ وذا عامٌّ في أهل التوفيق ومحتمل في غيرهم فإن خرق العادة قد يقع للزنديق إغواء وإملاء، وقد نص على إمكان رؤيته بل وقوعها أعلام منهم حجة الإسلام وقول ابن حجر يلزم عليه أن هؤلاء صحابة وبقاء الصحبة للقيامة ردّ بأن شرط الصحبة رؤيته على الوجه المتعارف، قال الحجة‏:‏ وليس المراد أنه يرى بدنه بل مثالاً له صار آلة يتأدى بها المعنى والآلة تكون حقيقية وخيالية والنفس غير المثال المتخيل فما رآه من التشكل ليس روح النبي صلى اللّه عليه وسلم ولا شخصه بل مثاله اهـ، وقال الشاذلي‏:‏ لو حجب عني طرفة عين ما عددت نفسي مسلماً، وكان بعضهم إذا سئل عن شيء قال‏:‏ حتى أعرضه عليه ثم يطرق ثم يقول‏:‏ قال كذا فيكون كما أخبر لا يتخلف ‏(‏ولا يتمثل الشيطان بي‏)‏ استئناف جواب لمن قال ما سبب ذلك يعني ليس ذلك المنام من قبيل تمثل الشيطان بي في خيال الرائي بما شاء من التخيلات‏.‏

<فائدة> سئل شيخ الاسلام زكريا عن رجل زعم أنه رأى النبي صلى اللّه عليه وسلم بقول له مر أمتي بصيام ثلاثة أيام وأن يعيدوا بعدها ويخطبوا فهل يجب الصوم أو يندب أو يجوز أو يحرم‏؟‏ وهل يكره أن يقول أحد للناس أمركم النبي عليه الصلاة والسلام بصيام أيام لأنه كذب عليه ومستنده الرؤيا التي سمعها من غير رائيها أو منه‏؟‏ وهل يمتنع أن يتسمى إبليس باسم النبي صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم ويقول للنائم إنه النبي عليه الصلاة والسلام ويأمره بطاعة ليتوصل بذلك إلى معصية كما يمتنع عليه التشكل في صورته الشريفة أم لا، وبه تتميز الرؤية له صلى اللّه عليه وآله وسلم الصادقة من الكاذبة‏؟‏ وهل يثبت شيء من أحكام الشرع بالرؤية في النوم‏؟‏ وهل المرئي ذاته صلى اللّه عليه وسلم أو روحه أو مثل ذلك‏؟‏ أجاب لا يجب على أحد الصوم ولا غيره من الأحكام بما ذكر ولا مندوب بل قد يكره أو يحرم لكن إن غلب على الظن صدق الرؤية فله العمل بما دلت عليه ما لم يكن فيه تغيير حكم شرعي ولا يثبت بها شيء من الأحكام لعدم ضبط الرؤية لا للشك في الرؤية ويحرم على الشحص أن يقول أمركم النبي صلى اللّه عليه وسلم بكذا فيما ذكر بل يأتي بما يدل على مستنده من الرؤية إذ لا يمتنع عقلاً أن يتسمى إبليس باسم النبي صلى اللّه عليه وسلم ليقول للنائم إنه النبي ويأمره بالطاعة، والرؤية الصادقة هي الخالصة من الأضغاث والأضغاث أنواع‏:‏ الأول تلاعب الشيطان ليحزن الرائي كأنه يرى أنه قطع رأسه، الثاني أن يرى أن بعض الأنبياء يأمره بمحرم أو محال‏.‏ الثالث ما تتحدث به النفس في اليقظة تمنياً فيراه كما هو في المنام، ورؤية المصطفى صلى اللّه عليه وسلم بصفته المعلومة إدراك لذاته ورؤيته بغير صفته إدراك لمثاله فالأولى لا تحتاج إلى تعبير والثانية تحتاج إليه ويحمل على هذا قول النووي‏:‏ الصحيح أنه يراه حقيقة سواء كانت صفته المعروفة أو غيرها وللعلماء في ذلك كلام كثير ليس هذا محل ذكره وفيما ذكرته كفاية اهـ بنصه‏.‏

- ‏(‏ق‏)‏ في الرؤيا ‏(‏د عن أبي هريرة‏)‏ ورواه الطبراني وزاد ولا بالكعبة وقال‏:‏ لا تحفظ هذه اللفظة إلا في هذا الحديث‏.‏

8691 - ‏(‏من رأيتموه‏)‏ أي علمتموه ‏(‏يذكر أبا بكر‏)‏ الصديق ‏(‏وعمر‏)‏ الفاروق ‏(‏بسوء‏)‏ وتنقيص ‏(‏فإنما يريد الإسلام‏)‏ أي فإنما قصده بذلك تنقيص الإسلام والطعن فيه فإنهما شيخا الإسلام وبهما كان تأسيس الدين وتقرير قواعده وقمع المرتدين وفتح الفتوحات وفي رواية للديلمي من رأيتموه يذكر أبا بكر وعمر بسوء فاقتلوه فإنما يريدني والإسلام‏.‏ وقوله فإنما إلخ استثناف بياني كأنه قيل ما سبب قتله فأجاب بأن بينه وبينهما كمال اتحاد فمن سبهما فكأنه سبه ومن سبه سب الإسلام فيقتل وهذا محمول على سب يتضمن تكفيراً بدليل قوله في الحديث الآتي من سب الأنبياء قتل ومن سب أصحابي جلد وهذا الحديث رواه الحافظ عبد الباقي‏.‏

- ‏(‏ابن قانع‏)‏ في معجم الصحابة في ترجمة الحجاج بن منبه من حديث إبراهيم بن منبه بن الحجاج بن منبه ‏(‏عن‏)‏ أبيه عن جده ‏(‏الحجاج‏)‏ بن منبه ‏(‏السهمي‏)‏ بفتح ‏[‏ص 134‏]‏ المهملة وسكون الهاء وآخره ميم نسبة إلى سهم بن عمرو من ولده خلق كثير من الصحابة فمن بعدهم قال في الميزان‏:‏ هو حديث منكر جداً وإبراهيم مجهول لا أعلم له راوياً غير أحمد بن إبراهيم الكربزي ولم يذكر ابن عبد البر ولا غيره الحجاج بن منبه في الصحابة بل ذكروا الحجاج بن الحارث السهمي ممن هاجر إلى أرض الحبشة وليس هو هذا وقال في الإصابة‏:‏ في إسناده غير واحد من المجهولين‏.‏

8692 - ‏(‏من رابط‏)‏ من الرباط بكسر ففتح مخففاً وهو ملازمة الثغر أي المكان الذي بيننا وبين الكفار ‏(‏فواق ناقة‏)‏ بضم الفاء وتفتح ما بين الحلبتين من الوقت لأنها تحلب ثم تترك سويعة يرضعها الفصيل لتدر وخص الناقة بالذكر لكثرة تداولها لحلبها فهو أقرب للتعميم ‏(‏حرمه اللّه على النار‏)‏ أي منعه عنها كما في ‏{‏وحرام على قرية‏}‏ ومعناه حرم اللّه النار عليه والمراد نار الخلود وإلا فمعلوم أن من رابط ولو طول عمره وعصى من جهة أخرى يدخل النار إن لم يعف عنه ثم يخرج منها بالشفاعة والفضل‏.‏

<تنبيه> قال ابن حبيب‏:‏ الرباط شعبة من الجهاد وبقدر خوف ذلك الثغر يكون كثرة الأجر وقال أبو عمرو‏:‏ شرع الجهاد لسفك دماء المشركين وشرع الرباط لصون دماء المسلمين، وصون دمائهم أحب إليَّ من سفك دماء أولئك وهذا يدل على أنه مفضل على الجهاد‏.‏

- ‏(‏عق‏)‏ من حديث محمد بن حميد عن أنس بن جندل عن هشام عن أبيه ‏(‏عن عائشة‏)‏ ثم قال أعني العقيلي‏:‏ إن كان محمد بن حميد ضبطه وإلا فليس أنس ممن يحتج بحديثه اهـ‏.‏ وفي الميزان عن أبي حاتم‏:‏ أنس بن جندل مجهول وأورده العقيلي أيضاً في ترجمة سليمان بن مرقاع من حديثه وقال‏:‏ منكر الحديث لا يتابع عليه ذكره الحافظ في اللسان وسبقه ابن الجوزي فقال‏:‏ حديث منكر لا يعرف إلا بسليمان بن مرقاع ولا يتابع عليه وسليمان منكر الحديث‏.‏

8693 - ‏(‏من رابط‏)‏ أي راقب العدو في الثغر المقارب لبلاده ‏(‏ليلة في سبيل اللّه كانت تلك الليلة‏)‏ أي ثوابها ‏(‏كألف ليلة صيامها وقيامها‏)‏ أي مثل ثواب ألف ليلة يصام يومها ويقام فيها فإضافة الصيام إلى الليل لأدنى ملابسة وإلا فالليل لا يصام فيه، قيل‏:‏ وذا فيمن ذهب للثغر لحراسة المسلمين فيه مدة لا في سكانه أبداً وهم وإن كانوا حماة غير مرابطين قال ابن حجر‏:‏ وفيه نظر لأن ذلك المكان قد يكون وطنه وينوي الإقامة فيه لدفع العدو‏.‏

- ‏(‏ه عن عثمان‏)‏ بن عفان وفيه هشام بن عمار وقد مر وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم قال في الكاشف‏:‏ ضعفوه ومصعب بن ثابت قال في الكاشف‏:‏ بين لغلطه‏.‏

8694 - ‏(‏من راح روحة في سبيل اللّه‏)‏ أي في الجهاد لإعلاء كلمة الدين ‏(‏كان له بمثل ما أصابه من الغبار‏)‏ أي غبار التراب ‏(‏مسكاً يوم القيامة‏)‏ أي يكون ما أعد له يوم القيامة من النعيم قدر ذلك الغبار الذي أصابه في المعركة وفي ذهابه إليها مسكاً يتنعم به وعلى هذا فالمراد الحقيقة ويحتمل أنه من قبيل التشبيه البليغ أو الاستعارة التبعية والمراد كثرة الثواب بكل روحة لغزو‏.‏

- ‏(‏ه والضياء‏)‏ المقدسي ‏(‏عن أنس‏)‏ بن مالك، وفيه شبيب البجلي قال أبو حاتم‏:‏ لين نقله عنه في الكاشف‏.‏

8695 - ‏(‏من رآءى باللّه‏)‏ أي بعمل من أعمال الآخرة المقربة من اللّه الجالبة لرضاه ‏(‏لغير اللّه‏)‏ أي فعل ذلك لا للّه بل ليراه الناس فيعتقد ويعظم أو يعطى ‏(‏فقد برئ من اللّه‏)‏ يعني لم يحصل له منه تعالى على ذلك العمل ثواب بل عقاب إن لم ‏[‏ص 135‏]‏ يعف عنه لكونه شركاً خفياً وقد سئل الشافعي عن الرياء فقال على البديهة هو فتنة عقدها الهوى حيال أبصار قلوب العلماء فنظروا بسوء اختيار النفوس فأحبطت أعمالهم اهـ‏.‏ قال الغزالي‏:‏ وذا يدل على علمه بأسرار القلب وعلم الآخرة‏.‏

- ‏(‏طب عن أبي هند‏)‏ الداري يزيد قال الهيثمي‏:‏ وفيه جماعة لم أعرفهم‏.‏

8696 - ‏(‏من ربَّي صغيراً حتى يقول لا إله إلا اللّه لم يحاسبه اللّه‏)‏ أي في الموقف، والصغير شامل لولد وولده غيره لليتيم ولغيره وذلك لأن كل مولود يولد على فطرة الإسلام وأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه كما في الحديث فمن رباه تربية موافقة للفطرة الأصلية حتى يعقل ويشهد شهادة الحق جوزي على ذلك بإدخال الجنة بغير حساب مطلقاً ويحتمل أن المراد بغير حساب مفسر بكونه يسيراً سليم العاقبة فلخلوه عن الضرر والمشقة عبر عنه بعدم الحساب مبالغة حثاً على تأديب الأطفال لا سيما الأيتام بآداب الإسلام ليتمرنوا على ذلك وينشأوا عليه، والظاهر أن الكلام في مجتنب الكبائر، ويحتمل الإطلاق وفضل اللّه واسع‏.‏

- ‏(‏طس‏)‏ عن أبي عمير عبد الكبير بن محمد عن الشاذكوني عن عيسى بن يونس عن هشام عن عروة عن عائشة ‏(‏عد‏)‏ عن قاسم بن علي الجوهري عن عبد الكبير عن الشاذكوني عن عيسى عن هشام عن عروة ‏(‏عن عائشة‏)‏ ثم قال مخرجه ابن عدي‏:‏ لا يصح وأصل البلاء فيه من أبي عمير قال‏:‏ وقد رواه إبراهيم بن البراء عن الشاذكوني وإبراهيم حدث بالأباطيل قال الهيثمي‏:‏ فيه سليمان بن داود الشاذكوني وهو ضعيف اهـ‏.‏ وقال في الميزان‏:‏ متنه موضوع وقال في اللسان‏:‏ خبر باطل والشاذكوني هالك اهـ‏.‏

8697 - ‏(‏من رحم ولو ذبيحة عصفور‏)‏ بضم أوله وحكى فتحه قيل سمي به لأنه عصى وفرّ ‏(‏رحمه اللّه‏)‏ أي تفضل عليه وأحسن إليه ‏(‏يوم القيامة‏)‏ ومن أدركته الرحمة يومئذ فهو من السابقين إلى دار النعيم، وخص العصفور بالذكر لكونه أصغر مأكول ينذبح وإذا استلزمت رحمته رحمة اللّه مع حقارته وهوانه على الناس فرحمة ما فوقه سيما الآدمي أولى، وأفاد معاملة الذبيحة حال الذبح بالشفقة والرحمة وإحسان الذبحة كما ورد مصرحاً به في عدة أخبار‏.‏ وخرج أحمد خبر قيل‏:‏ يا رسول اللّه إني أذبح الشاة وأنا أرحمها فقال‏:‏ إن رحمتها رحمك اللّه وخرج عبد الرزاق أن شاة انفلتت من جزار حتى جاءت النبي صلى اللّه عليه وسلم فاتبعها فقال لها النبي صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ اصبري لأمر اللّه وأنت يا جزار فسقها للموت سوقاً رفيقاً ومن الرفق بها والرحمة بها أن لا يذبح أخرى عندها ولا يحد السكين وهي تنظر فقد مر النبي صلى اللّه عليه وسلم برجل واضع رجله على صفحة شاة وهو يحد شفرته وهي تلحظه فقال أفلا قبل هذا‏؟‏ تريد أن تميتها موتات‏؟‏ رواه الطبراني وغيره‏.‏